المتوالية الفيبوناسشية
لا أؤمن شخصيا بوجود العشوائية أو الأحداث الاعتباطية فيما يحدث حولنا؛ وفي المقابل أؤمن بتكرر الأحداث بشكل دوري مقصود.. يصعب على معظمنا إدراكه بسبب عمرنا القصير وتمحورنا الدائم حول الذات
وفي نظري الخاص ليس التاريخ فقط من يعيد نفسه؛ بل وحتى الكوارث الطبيعية والدورات الاقتصادية وتبدل الأمم وتكرار الخلق
قال تعالى: كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا انا كنا فاعلين
**********
اعتماد العشوائية كتفسير والاعتباطية كمبدأ ففكرة سطحية تخالف تناغم الكون وطبيعة المنطق والغرض الأسمى من الخلق ذاته
قال تعالى: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين
وإذا عدنا لكوكب الأرض نكتشف مظاهر كثيرة فوقه تترتب في نمط رياضي ذكي وتتكرر بطريقة دورية مقصودة.. وقد حاول الفلاسفة والمنجمون اكتشاف أنماط رياضية متكررة تساعدهم على تخمين الأحداث المستقبلية والظواهر الخفية
وفي أمريكا الجنوبية وضعت حضارة المايا جداول رياضية تنبئ بدورية الأحداث وتكرار الكوارث.. بل وحتى اليوم الذي ستنتهي فيه الدنيا بأكملها
أما في عصرنا الحديث فأصبح العلماء أكثر تواضعا وتركيزا على مجالات أكثر تخصصا.. فالعالم الروسي مندليف مثلا نجح في ترتيب العناصر الكيميائية في جدول دوري خاص بحسب أوزانها الذرية.. وتمكن بالتالي من التنبؤ بوجود عناصر مجهولة.. اكتشف معظمها بعد وفاته عام1907
**********
في عام 1798 حاول المفكر الانجليزي روبرت مالتس التنبيه لأول مرة إلى خطورة الانفجار السكاني مقابل تناقص غلال الأرض.. فقد كتب مقالا أشار فيه إلى أن البشر يتناسلون بمتوالية هندسية
64.32.16.4.2
في حين تتزايد غلات الأرض بمتوالية حسابية فقط
5.4.3.2.1
ورغم عدم ظهور المخاطر - بالحجم الذي تنبأ به لاحقا - إلا أن متواليته كانت صحيحة إلى حد كبير وتصلح للتطبيق على مخلوقات كثيرة
**********
أما أكثر المتواليات تكرارا ولفتا للانتباه فتلك التي اكتشفها عالم الرياضيات الايطالي فيبوناسشي في القرن الثاني عشر.. وتم تشكيلها اعتمادها على حقيقة أن ثالث رقم فيها يساوي حاصل جمع الرقمين السابقين له كما يتضح من المتوالية التالية
987.610.377. 233.144.89. 55.43.21. 13.8.5.3. 2
هذا التسلسل العجيب نلاحظه في معظم المظاهر الطبيعية حولنا من بتلات الأزهار وأوراق الأشجار إلى تقسيمات المحار وتناسل الفئران والأرانب.. فالأزهار مثلا تبدأ بتلاتها في التدرج من 3بتلات كحد أدنى.. كما في زهرة الزئبق والسوسن.. إلى5و 8و 13و 21وحتى 34بتلة.. كما في زهرة الحرش والباريثرم
أما جذوع الأشجار فتبدأ عارية من أي ورقة، ثم تظهر 3أوراق.. وربما خمسة.. في أول تفرع، ثم 5أو 8في التفرع الثاني، ثم 13أو 21في التفرع الثالث ثم 43أو 55في التفرع الرابع.. وهكذا
ولو أطلقت أرنبين في أي مزرعة لتكاثرا بدورهما حسب متوالية فيبوناسشي.. الذي نسمع اسمه كثيرا هذه الأيام في محاولات التنبؤ بسوق الأسهم السعودي.. فزوج الأرانب سيقضيان أول شهر في الحقل كزوج واحد، ثم يصبحان زوجين في بداية الشهر الثاني، ثم 3و5و8و13و21و 43مع بداية كل شهر جديد.. وقل الشيء نفسه عن تناسل الفئران والقوارض والثعالب البرية
**********
هذه المتوالية (الفيبوناسشية) تتكرر في معظم النباتات والكائنات الحية لدرجة تجعل العلماء يتساءلون إن كانت صالحة لاستنتاج المظاهر المرضية المعقدة.. كمعدل نمو الخلايا السرطانية.. أو الظواهر الفلكية البعيدة كعدد النجوم أو الكواكب البعيدة!؟
وحتى يثبت هذا الأمر أشير الى أن مجرد وجود هذه المتوالية ينفي فكرة العشوائية في الخلق ويعيدنا الى فكرة الحكمة في الخلق ووجود مدبر أزلي لكل ما يحدث حولنا
**********
**********
- مـــنـــقـــول -