إقامة الحجة على الحبشي (3)
رابعا : قضية الاسماء والصفات : يقولون ان الذي يقول ان الله في السماء فقد كفر ! ولا يجيزون - لذلك - ان يقال : اين الله ؟
- وهذا عجيب - فقد ثبت ليس بقول مئة او مئتين ، بل قول ائمة الإسلام قاطبة ان الحق الذي عليه اهل السنة والجماعة : ان الله عز وجل في السماء ، كما صرح بنفسه ، وبانه بائن من خلقه .
وثبت في الحديث - الذي هو صحيح عند ائمة الحديث - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل الجارية : ( اين الله ؟ ) فقالت : في السماء ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من انا ؟ ) قالت : انت رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( اطلقها فانها مؤمنة ) - سبحان الله أهؤلاء اعلم ؟ ام رسول الله صلى الله عليه وسلم -
رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع لنا ان نختبر الاعتقاد بهذا السؤال ، وهؤلاء يقولون لا يجوز ان تقول اين الله ؟ .
وبعضهم يقول : ان هذه المرأة كانت من العوام - لا تفهم - ، وهذا اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم انه يقر الكفر في مجلسه ، حاشاه صلى الله عليه وسلم
قضية الفوقية : هناك مثل عقلي يضربه ابن ابي العز شارح الطحاوية - ولله المثل الأعلى - : لو ان احدنا معه شيء ووضعه في يده ، أيكون ماسك الشيء داخل فيه أم بائن منفصل عنه فوقه ؟ -إذا كان هذا في حق البشر ، فكيف بالمولى عز وجل وهو يقول :{ والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه } .
الله عز وجل فوق المخلوقات ، يقول تعالى : { وهو القاهر فوق عباده } . ويقول : { يخافون ربهم من فوقهم } .
ومن الحديث ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي يرويه ابو هريرة في البخاري وغيره : (( لما قضى الله الخلق كتب في كتاب العلم ، فهو عنده فوق العرش ، ان رحمتي غلبت غضبي )) .
وقال : (( بينما أهل الجنة ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا إليه رؤوسهم ، فإذا الجبار جل جلاله قد اشرق عليهم من فوقهم وقال : يا أهل الجنة سلام عليكم . ثم تلا قوله تعالى { سلام قولا من رب رحيم } )) .
وأخرج مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير { هو الأول والاخر والطاهر والباطن } : (( انت الأول فليس قبلك شيء ، وانت الاخر فليس بعدك شيء ، وانت الظاهر فليس فوقك شيء ، وانت الباطن فليس دونك شيء )) . - والمراد بالظهور هنا هو العلو -
وأخرج ابو داوود رحمه الله : انه اتى اعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله جهدت الانفس وهلكت الاموال فاستسق لنا ، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ويحك اتدري ما تقول ؟! )) ثم سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه اصحابه ، ثم قال : (( ويحك انه لا يستشفع بالله على احد من خلقه ، شأن الله اعظم من ذلك ، ويحك اتدري مالله ، ان الله فوق عرشه ، وعرشه فوق سمواته ، وإنه ليئط به اطيط الرحل الجديد بالراكب )) .
وقصة سعد بن معاذ في بني قريظة ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ لما حكم في مكقاتلة بني قريظة : (( لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات )) . - هذا الحديث متفق عليه -
وفي البخاري عن زينب ، انها كانت تقول : ( زوجكن اهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سموات ) .
وعن عمر رضي الله عنه ، انه مر بعجوز فاستوقفته فوقف معها يحدثها ، فقال رجل : يا امير المؤمنين حبست الناس بسبب هذه العجوز ؟! فقال : ( ويحك اتدري من هذه ؟! هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات ، هذه خولة التي انزل الله فيها { لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما } ) .
وعن عكرمة عن ابن عباس في قوله { ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم } ، قال : ( ولم يستطع ان يقول " من فوقهم " لانه قد علم ان الله سبحانه وتعالى من فوقهم ) .
والاحاديث والآيات التي وردت في قضية الفوقية لا تنحصر ، ولا ريب ان الله تعالى لما خلق الخلق لم يخلقهم في ذاته المقدسة -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - فتعين انه خلقهم خارج عن ذاته .
والمسلمون يدعون ربهم من فوقهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو - ويشير باصبعه إلى السماء - : (( اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد )) .
ونحن نقول في سجودنا : سبحان ربي الأعلى .
ويقول تبارك وتعالى : { امنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فإذا هي تمور } - هم يقولون ان من في السماء هم الملائكة !عجيب والله امر هؤلاء -
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : (( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) ، من الذي في السماء الذي يرحم الذين هم على الارض ؟ - ومن هنا لا تفيد الظرفية وإنما تفيد " على " ، أي على السماء ، والسماء : هي كل ما علاك -
وقد جمع ابن القيم في كتابه " اجتماع الجيوش الإسلامية على عزو المعطلة والجهمية " اقوالا عديدة ، لو سردتها لطال بنا المقام ولكن اذكر اقوالهم على العموم :
من اقوال المولى عز وجل كثير ، والاحاديث كثيرة ايضا .
من اقوال الصحابة : قول لابي بكر ، قول لعمر ، قول لعبد الله بن رواحة ، قول لعبد الله بن مسعود ، قول لعبد الله بن عباس ، قول لعائشة ، قول لزينب ، قول ابي امامة الباهلي ، اقول للصحابة كلهم جميعا رضي الله عنهم .
من اقوال التابعين رحمهم الله : قول لعكرمة ، قول لقتادة ، قول لكعب الاحبار ، قول مقاتل ، قول للضحاك ، قول للحسن ، قول لمالك بن دينار ، قول للربيعة بن عبد الرحمن ، وغيرهم الكثير .
من اقوال تابعي التابعين : قول لعبد الله بن المبارك ، قول للاوزاعي ، قول لحماد بن زيد ، قول لسفيان الثوري ، وغيرهم .
وهناك اقوال للائمة الاربعة رحمهم الله ، قول للامام مالك الصغير ، قول للقاضي عبد الوهاب ، قول حجة الإسلام ابي احمد بن الحسين .
من اقوال ائمة اهل الحديث : قول لابي هريرة ، قول لسعيد بن عامر ، قول لعاصم بن علي شيخ البخاري ، قول لاسحاق بن راهوييه ، قول للبشر ابن الوليد ، قول لابن عينية ، قول ليحيى بن معين ، قول لعبد الوهاب الوراق ، قول لابي زرعة ، قول لابي حاتم ، قول لمحمد بن اسماعيل البخاري ، قول لمسلم بن الحجاج ، قول لابن عيسى الترمذي قول للصابوني ، قول لابي جعفر الطحاوي ، قول لزكريا بن يحيا .
ومن اقوال ائمة التفسير : قول لابن عباس ، قول لابن مسعود ، قول لمجاهد ، قول لقتادة ، قول لعكرمة ، قول لمقاتل ، قول لبشر بن الحميد ، قول للبغوي ، قول للقرطبي ، قول للطبري .
من اقوال ائمة اللغة : قول لمحمد بن الاعرابي ، قول للخليل ابن احمد شيخ سيبويه ، قول للاعمش . . . إلى اخره
ايكون كل هؤلاء وغيرهم كثير يقولون بان الله في السماء بائن من خلقه - كما قدمنا بالادلة - ويأتي اناس يزعمون ويقولون : ان الذي يقول ان الله في السماء - كما قال الله عز وجل - هو كافر ؟!
قضية اخرى - وهي ليست الاخيرة عند هؤلاء - قضية تهجمهم على علماء الامة الافذاذ : ونخص بالذكر ابن تيمية رحمه الله وسيد قطب رحمه الله .
الشيخ ابن تيمية ، موقفه من هؤلاء الرفاعية قديما ماذكرت ، فهم يبغضون ابن تيمية لانه كان يواجه الذين ينصرون عقيدة ابن عربي لعنه الله في وحدة الوجود ، ولان له اقوال تدمر وتدمدم على كراسي اي حكم لا يحكم بنا انزل الله - الامر الذي يعارض السبب في ايجاد هذه الطائفة هذه الايام تحديدا - لذا لا بد من الطعن فيه !- وكل امام وعالم يتكلم في قضية الحاكمية يرمونه بهذه الاتهامات ويكفرونه -
ويتهمون شيخ الإسلام بجملة اتهامات - حصرها الاخ دمشقية - يتهمون بها شيخ الإسلام كذبا وزورا ، وقد وفقت في تعقب بعض هذه الاقوال والاتهامات الباطلة التي يدعونها ، فوجدتها كلها كاذبة .
ابهذا البرود يدعون الكذب عليه ، وكتبه موجودة ؟!
لكن من هم هؤلاء الذين يطعنون في ابن تيمية ، امام هؤلاء الذين اثنوا عليه من علماء الامة الافذاذ ؟ فقد شهد العديد من الائمة المعتبرين بصلاح حال ابن تيمية وتفرده بسعة علمه واجتهاده واقتفائه اثر السلف الصالح ، حتى قالوا : كأن السنة نصب عينيه . من هؤلاء :
الشيخ محمد بن ناصر الدين الدمشقي الشافعي ، حتى انه ألف كتابا بعنوان " الرد الوافر على من زعم ان من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر " ، اورد فيه شهادات لناس من كبار الائمة في الثناء على ابن تيمية .
ايضا من هؤلاء : الحافظ ابن حجر العسقلاني ، الذي اثنى على ابن تيمية في " الدرر الكامنة " ودعى له بالرحمة ، فقال : ( قال شيخ شيوخنا الحافظ البزي في ترجة ابن تيمية : ان تكام في التفسير فهو حامل رايته ، وان افتى في الفقه فهو مدرك غايته ، وفي الحديث هو صاحب علم وذو رايته ، برز على افذاذ جنسه ) .
والشيخ ملا بن علي القارئ كان يذود عنه وعن تلميذه ابن القيم ، ويقول : ( من طالع " مدارج السالكين " تبين له انهما من كبار أهل السنة والجماعة ) . والحافظ عمر بن علي البزار له كتاب اسمه " الاعلام العلية في مناقب ابن تيمية " .
الشيخ محمد بن عبد الله القدسي ، قال : ( والله ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى ، يصده هواه عن الحق بعد معرفته به ) - وقد صدق والله -
واثنى على ابن تيمية ابن سيد الناس، وكذلك الحافظان ابن كثير الذي اوضح في كتبه عقيدة الإمام وعلمه وكيد الحاسدين له ، والحافظ ابن رجب ، الذي قال : ( هو الإمام الفقيه المجاهد المحدث الحافظ الزاهد تقي الدين ابن العباس شيخ الإسلام وعلم الأعلام ، كان رحمه الله فريد دهره في فهم القرآن ومعرفة حقائق الإيمان ) .
شرف الدين المقدسي ، الذي كان يفتخر بابن تيمية وصحبه .
وابن عبد الهادي له كتاب اسمه " العقود الدرية في مناقب ابن تيمية "
والحافظ العلالي ، قال : ( اللهم متعنا بعلومه الفاخرة ، وانفعنا به في الدنيا والاخرة ) .
وكذلك عمر بن سعد والشيخ قاسم الحنفي وإمام الحنفية بدر الدين ، ومحمد ابن احمد العيني ، حتى انه قال : ( من قال ابن تيمية كافر فهو الكافر حقا ، ومن نسبه إلى الزندقة فهو زنديق ، وكيف ذلك وقد طارت تصانيفه في الآفاق وليس فيها شيء مما يدل على ذلك والشقاق ) .
كذلك السخاوي الذي ظل يحتج باين تيمية في نقد الروايات تصحيحا وتضعيفا ، والسيوطي كذلك .
سبحان الله كل هؤلاء ، وهذا المجرم - الحبشي - يقول : وهذا الذي يلقبونه بشيخ الإسلام ! من هؤلاء الذين لقبوا ابن تيمية بشيخ الإسلام !!
والسيوطي قال عن ابن تيمية : ( شيخ الإسلام ، الحافظ الفقيه المجتهد المحدث البارع ، شيخ الإسلام ، نابغة العصر ، علم الزهاد) .
الذهبي رحمه الله إذا ما ذكر ابن تيمية يقول : شيخنا ، ويقول : شيخ الإسلام ، ويقول في الجرح والتعديل : ( توفي بالقلعة ، شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحراني ، عن سبع وستين سنة واشهر ، وشيعه خلق أقل ما قدروا بستين الفا ، ولم يترك بعد من يقاربه في العلم والفضبل ) .
ويقول في تذكرة الحفاظ : ( كان من بحور العلم ، ومن الاذكياء المعدودين والزهاد والاخيار والشجعان والكرماء الاجواد ، وسارت بتصانيفه الركبان ، وقد امتحن واوذي وحبس بقلة الاسكندرية والقاهرة ومصر مرتين وبها توفي ، ثم جهز واخذ إلى جامع البلد فشهده امم لا يحصون حددوا بستين الفا ، ما رأيت مثله ) .
والحافظ ابن رجب ينقل عن الذهبي ، ان ابن تيمية كان : ( امام متبحرا بعلوم الديانة ، صحيح الذهن ، كثير المحاسن ، لا لذة له إلا في نشر العلم وتبليغه ما استطاع ) .
فأمام هؤلاء العلماء الأفذاذ من هذا يا ترى الذي يتقول على ابن تيمية ، أين الثرى من الثريا ؟! واين الجوزاء من موطئ النعال ؟!
يقول البوطي : ( نحن نعجب عندما نجد غلاة يكفرون ابن تيمية رحمه الله ويقولون انه كان مجسما ، ولقد بحثت طويلا علي اجد الفكرة أو الكلمة التي كتبها أو قالها ابن تيمية والتي تدل على تجسيمه ، فلم اجد كلاما في هذا قط ! كلما وجدته انه في فتواه يقول : ان لله يدا كما قال ، واستوى العرش كما قال ، وله عين كما قال ) ، واضاف : ( ورجعت إلى اخر ما كتبه ابو الحسن الاشعري - اي كتاب الابانة ، والذي يطعنون في ابن تيمية يقولون نحن اشاعرة - فرائيته كما يقول ابن تيمية ) ، وانتهى إلى القول : ( اذن فلماذا نحاول ان نعظم وهما لا وجود له ؟! ).
رابعا : قضية الاسماء والصفات : يقولون ان الذي يقول ان الله في السماء فقد كفر ! ولا يجيزون - لذلك - ان يقال : اين الله ؟
- وهذا عجيب - فقد ثبت ليس بقول مئة او مئتين ، بل قول ائمة الإسلام قاطبة ان الحق الذي عليه اهل السنة والجماعة : ان الله عز وجل في السماء ، كما صرح بنفسه ، وبانه بائن من خلقه .
وثبت في الحديث - الذي هو صحيح عند ائمة الحديث - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل الجارية : ( اين الله ؟ ) فقالت : في السماء ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من انا ؟ ) قالت : انت رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( اطلقها فانها مؤمنة ) - سبحان الله أهؤلاء اعلم ؟ ام رسول الله صلى الله عليه وسلم -
رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع لنا ان نختبر الاعتقاد بهذا السؤال ، وهؤلاء يقولون لا يجوز ان تقول اين الله ؟ .
وبعضهم يقول : ان هذه المرأة كانت من العوام - لا تفهم - ، وهذا اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم انه يقر الكفر في مجلسه ، حاشاه صلى الله عليه وسلم
قضية الفوقية : هناك مثل عقلي يضربه ابن ابي العز شارح الطحاوية - ولله المثل الأعلى - : لو ان احدنا معه شيء ووضعه في يده ، أيكون ماسك الشيء داخل فيه أم بائن منفصل عنه فوقه ؟ -إذا كان هذا في حق البشر ، فكيف بالمولى عز وجل وهو يقول :{ والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه } .
الله عز وجل فوق المخلوقات ، يقول تعالى : { وهو القاهر فوق عباده } . ويقول : { يخافون ربهم من فوقهم } .
ومن الحديث ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي يرويه ابو هريرة في البخاري وغيره : (( لما قضى الله الخلق كتب في كتاب العلم ، فهو عنده فوق العرش ، ان رحمتي غلبت غضبي )) .
وقال : (( بينما أهل الجنة ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا إليه رؤوسهم ، فإذا الجبار جل جلاله قد اشرق عليهم من فوقهم وقال : يا أهل الجنة سلام عليكم . ثم تلا قوله تعالى { سلام قولا من رب رحيم } )) .
وأخرج مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير { هو الأول والاخر والطاهر والباطن } : (( انت الأول فليس قبلك شيء ، وانت الاخر فليس بعدك شيء ، وانت الظاهر فليس فوقك شيء ، وانت الباطن فليس دونك شيء )) . - والمراد بالظهور هنا هو العلو -
وأخرج ابو داوود رحمه الله : انه اتى اعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله جهدت الانفس وهلكت الاموال فاستسق لنا ، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ويحك اتدري ما تقول ؟! )) ثم سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه اصحابه ، ثم قال : (( ويحك انه لا يستشفع بالله على احد من خلقه ، شأن الله اعظم من ذلك ، ويحك اتدري مالله ، ان الله فوق عرشه ، وعرشه فوق سمواته ، وإنه ليئط به اطيط الرحل الجديد بالراكب )) .
وقصة سعد بن معاذ في بني قريظة ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ لما حكم في مكقاتلة بني قريظة : (( لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات )) . - هذا الحديث متفق عليه -
وفي البخاري عن زينب ، انها كانت تقول : ( زوجكن اهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سموات ) .
وعن عمر رضي الله عنه ، انه مر بعجوز فاستوقفته فوقف معها يحدثها ، فقال رجل : يا امير المؤمنين حبست الناس بسبب هذه العجوز ؟! فقال : ( ويحك اتدري من هذه ؟! هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات ، هذه خولة التي انزل الله فيها { لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما } ) .
وعن عكرمة عن ابن عباس في قوله { ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم } ، قال : ( ولم يستطع ان يقول " من فوقهم " لانه قد علم ان الله سبحانه وتعالى من فوقهم ) .
والاحاديث والآيات التي وردت في قضية الفوقية لا تنحصر ، ولا ريب ان الله تعالى لما خلق الخلق لم يخلقهم في ذاته المقدسة -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - فتعين انه خلقهم خارج عن ذاته .
والمسلمون يدعون ربهم من فوقهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو - ويشير باصبعه إلى السماء - : (( اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد )) .
ونحن نقول في سجودنا : سبحان ربي الأعلى .
ويقول تبارك وتعالى : { امنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فإذا هي تمور } - هم يقولون ان من في السماء هم الملائكة !عجيب والله امر هؤلاء -
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : (( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) ، من الذي في السماء الذي يرحم الذين هم على الارض ؟ - ومن هنا لا تفيد الظرفية وإنما تفيد " على " ، أي على السماء ، والسماء : هي كل ما علاك -
وقد جمع ابن القيم في كتابه " اجتماع الجيوش الإسلامية على عزو المعطلة والجهمية " اقوالا عديدة ، لو سردتها لطال بنا المقام ولكن اذكر اقوالهم على العموم :
من اقوال المولى عز وجل كثير ، والاحاديث كثيرة ايضا .
من اقوال الصحابة : قول لابي بكر ، قول لعمر ، قول لعبد الله بن رواحة ، قول لعبد الله بن مسعود ، قول لعبد الله بن عباس ، قول لعائشة ، قول لزينب ، قول ابي امامة الباهلي ، اقول للصحابة كلهم جميعا رضي الله عنهم .
من اقوال التابعين رحمهم الله : قول لعكرمة ، قول لقتادة ، قول لكعب الاحبار ، قول مقاتل ، قول للضحاك ، قول للحسن ، قول لمالك بن دينار ، قول للربيعة بن عبد الرحمن ، وغيرهم الكثير .
من اقوال تابعي التابعين : قول لعبد الله بن المبارك ، قول للاوزاعي ، قول لحماد بن زيد ، قول لسفيان الثوري ، وغيرهم .
وهناك اقوال للائمة الاربعة رحمهم الله ، قول للامام مالك الصغير ، قول للقاضي عبد الوهاب ، قول حجة الإسلام ابي احمد بن الحسين .
من اقوال ائمة اهل الحديث : قول لابي هريرة ، قول لسعيد بن عامر ، قول لعاصم بن علي شيخ البخاري ، قول لاسحاق بن راهوييه ، قول للبشر ابن الوليد ، قول لابن عينية ، قول ليحيى بن معين ، قول لعبد الوهاب الوراق ، قول لابي زرعة ، قول لابي حاتم ، قول لمحمد بن اسماعيل البخاري ، قول لمسلم بن الحجاج ، قول لابن عيسى الترمذي قول للصابوني ، قول لابي جعفر الطحاوي ، قول لزكريا بن يحيا .
ومن اقوال ائمة التفسير : قول لابن عباس ، قول لابن مسعود ، قول لمجاهد ، قول لقتادة ، قول لعكرمة ، قول لمقاتل ، قول لبشر بن الحميد ، قول للبغوي ، قول للقرطبي ، قول للطبري .
من اقوال ائمة اللغة : قول لمحمد بن الاعرابي ، قول للخليل ابن احمد شيخ سيبويه ، قول للاعمش . . . إلى اخره
ايكون كل هؤلاء وغيرهم كثير يقولون بان الله في السماء بائن من خلقه - كما قدمنا بالادلة - ويأتي اناس يزعمون ويقولون : ان الذي يقول ان الله في السماء - كما قال الله عز وجل - هو كافر ؟!
قضية اخرى - وهي ليست الاخيرة عند هؤلاء - قضية تهجمهم على علماء الامة الافذاذ : ونخص بالذكر ابن تيمية رحمه الله وسيد قطب رحمه الله .
الشيخ ابن تيمية ، موقفه من هؤلاء الرفاعية قديما ماذكرت ، فهم يبغضون ابن تيمية لانه كان يواجه الذين ينصرون عقيدة ابن عربي لعنه الله في وحدة الوجود ، ولان له اقوال تدمر وتدمدم على كراسي اي حكم لا يحكم بنا انزل الله - الامر الذي يعارض السبب في ايجاد هذه الطائفة هذه الايام تحديدا - لذا لا بد من الطعن فيه !- وكل امام وعالم يتكلم في قضية الحاكمية يرمونه بهذه الاتهامات ويكفرونه -
ويتهمون شيخ الإسلام بجملة اتهامات - حصرها الاخ دمشقية - يتهمون بها شيخ الإسلام كذبا وزورا ، وقد وفقت في تعقب بعض هذه الاقوال والاتهامات الباطلة التي يدعونها ، فوجدتها كلها كاذبة .
ابهذا البرود يدعون الكذب عليه ، وكتبه موجودة ؟!
لكن من هم هؤلاء الذين يطعنون في ابن تيمية ، امام هؤلاء الذين اثنوا عليه من علماء الامة الافذاذ ؟ فقد شهد العديد من الائمة المعتبرين بصلاح حال ابن تيمية وتفرده بسعة علمه واجتهاده واقتفائه اثر السلف الصالح ، حتى قالوا : كأن السنة نصب عينيه . من هؤلاء :
الشيخ محمد بن ناصر الدين الدمشقي الشافعي ، حتى انه ألف كتابا بعنوان " الرد الوافر على من زعم ان من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر " ، اورد فيه شهادات لناس من كبار الائمة في الثناء على ابن تيمية .
ايضا من هؤلاء : الحافظ ابن حجر العسقلاني ، الذي اثنى على ابن تيمية في " الدرر الكامنة " ودعى له بالرحمة ، فقال : ( قال شيخ شيوخنا الحافظ البزي في ترجة ابن تيمية : ان تكام في التفسير فهو حامل رايته ، وان افتى في الفقه فهو مدرك غايته ، وفي الحديث هو صاحب علم وذو رايته ، برز على افذاذ جنسه ) .
والشيخ ملا بن علي القارئ كان يذود عنه وعن تلميذه ابن القيم ، ويقول : ( من طالع " مدارج السالكين " تبين له انهما من كبار أهل السنة والجماعة ) . والحافظ عمر بن علي البزار له كتاب اسمه " الاعلام العلية في مناقب ابن تيمية " .
الشيخ محمد بن عبد الله القدسي ، قال : ( والله ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى ، يصده هواه عن الحق بعد معرفته به ) - وقد صدق والله -
واثنى على ابن تيمية ابن سيد الناس، وكذلك الحافظان ابن كثير الذي اوضح في كتبه عقيدة الإمام وعلمه وكيد الحاسدين له ، والحافظ ابن رجب ، الذي قال : ( هو الإمام الفقيه المجاهد المحدث الحافظ الزاهد تقي الدين ابن العباس شيخ الإسلام وعلم الأعلام ، كان رحمه الله فريد دهره في فهم القرآن ومعرفة حقائق الإيمان ) .
شرف الدين المقدسي ، الذي كان يفتخر بابن تيمية وصحبه .
وابن عبد الهادي له كتاب اسمه " العقود الدرية في مناقب ابن تيمية "
والحافظ العلالي ، قال : ( اللهم متعنا بعلومه الفاخرة ، وانفعنا به في الدنيا والاخرة ) .
وكذلك عمر بن سعد والشيخ قاسم الحنفي وإمام الحنفية بدر الدين ، ومحمد ابن احمد العيني ، حتى انه قال : ( من قال ابن تيمية كافر فهو الكافر حقا ، ومن نسبه إلى الزندقة فهو زنديق ، وكيف ذلك وقد طارت تصانيفه في الآفاق وليس فيها شيء مما يدل على ذلك والشقاق ) .
كذلك السخاوي الذي ظل يحتج باين تيمية في نقد الروايات تصحيحا وتضعيفا ، والسيوطي كذلك .
سبحان الله كل هؤلاء ، وهذا المجرم - الحبشي - يقول : وهذا الذي يلقبونه بشيخ الإسلام ! من هؤلاء الذين لقبوا ابن تيمية بشيخ الإسلام !!
والسيوطي قال عن ابن تيمية : ( شيخ الإسلام ، الحافظ الفقيه المجتهد المحدث البارع ، شيخ الإسلام ، نابغة العصر ، علم الزهاد) .
الذهبي رحمه الله إذا ما ذكر ابن تيمية يقول : شيخنا ، ويقول : شيخ الإسلام ، ويقول في الجرح والتعديل : ( توفي بالقلعة ، شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحراني ، عن سبع وستين سنة واشهر ، وشيعه خلق أقل ما قدروا بستين الفا ، ولم يترك بعد من يقاربه في العلم والفضبل ) .
ويقول في تذكرة الحفاظ : ( كان من بحور العلم ، ومن الاذكياء المعدودين والزهاد والاخيار والشجعان والكرماء الاجواد ، وسارت بتصانيفه الركبان ، وقد امتحن واوذي وحبس بقلة الاسكندرية والقاهرة ومصر مرتين وبها توفي ، ثم جهز واخذ إلى جامع البلد فشهده امم لا يحصون حددوا بستين الفا ، ما رأيت مثله ) .
والحافظ ابن رجب ينقل عن الذهبي ، ان ابن تيمية كان : ( امام متبحرا بعلوم الديانة ، صحيح الذهن ، كثير المحاسن ، لا لذة له إلا في نشر العلم وتبليغه ما استطاع ) .
فأمام هؤلاء العلماء الأفذاذ من هذا يا ترى الذي يتقول على ابن تيمية ، أين الثرى من الثريا ؟! واين الجوزاء من موطئ النعال ؟!
يقول البوطي : ( نحن نعجب عندما نجد غلاة يكفرون ابن تيمية رحمه الله ويقولون انه كان مجسما ، ولقد بحثت طويلا علي اجد الفكرة أو الكلمة التي كتبها أو قالها ابن تيمية والتي تدل على تجسيمه ، فلم اجد كلاما في هذا قط ! كلما وجدته انه في فتواه يقول : ان لله يدا كما قال ، واستوى العرش كما قال ، وله عين كما قال ) ، واضاف : ( ورجعت إلى اخر ما كتبه ابو الحسن الاشعري - اي كتاب الابانة ، والذي يطعنون في ابن تيمية يقولون نحن اشاعرة - فرائيته كما يقول ابن تيمية ) ، وانتهى إلى القول : ( اذن فلماذا نحاول ان نعظم وهما لا وجود له ؟! ).