اللغة العربية لغة القرآن
إن عالمية الدعوة الإسلامية وإنسانيتها تجعل من الضروري الاهتمام بتعليم وتعلم اللغة العربية للناطقين بها والناطقين بغيرها من العرب والمسلمين. فهي بالإضافة إلى أنها اللغة الأم لم يربو على مائة وستين مليونًا من المسلمين العرب، فإنها اللغة المقدسة لما يربو على ألف مليون مسلم في جميع أنحاء الأرض، حيث إنها لغة القرآن الكريم. وتلاوة القرآن وتدبر آياته أمر ضروري لكل مسلم. والعربية – بطبيعة الحال – هي أقدر اللغات التي تعين المفكر والمتدبر على فهم آيات الله.
وجميع المسلمين يدركون هذه الحقيقة الواضحة وهي أن لآيات الله ظلالاً وإيحاءات ضاربة الجذور في أعماق اللغة العربية. ولهذا فليس بعجيب أن يخاطب الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن القرآن فيقول:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: 193–195].
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر: 27-28].
حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [فصلت:1-3].
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى: 7].
وعلى ذلك فإن تعلم اللغة العربية ليس مهمًا للناطقين بها فقط، بل مهم أيضًا للمسلمين الناطقين بغيرها، وذلك لأن ترتيل القرآن وقراءته وتدبر آياته والعمل بها فرض على كل مسلم: " وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل: 4]، فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: 20].
إن الثقافة الإسلامية هي الأسلوب الكلي لحياة المجتمع الإسلامي، فاللغة العربية لا يجب أن تعلم إلا من خلال الثقافة والحضارة التي أوجدتها وحافظت عليها. ولقد أكدت الدراسات الميدانية إن الدارس الذي لا يحترم حضارة اللغة التي يتعلمها، لن يستطيع التقدم في تعلم هذه اللغة. وهذا يعني أننا يجب أن نعلم اللغة العربية من خلال ثقافة الأمة الإسلامية وحضارتها.