قصة مؤثرة أعجبتني عندما قرأتها
فيه تجسيد لواقع الحروب التي تدور هذه الايام
مع انها طويلة لكنها مؤثرة
قلوب لا تعرف الرحمة
تأملته الصبح حين تغيب شمسه فيفقد هويته وتضيع ملامحه بين النهار والليل، أبحرت في عينيه فوجدتهما غيمتين مثقلتين بهموم لا يعرفها وضياع لا يدري كيف أتى ومتى ينتهي، عودٌ انحنى وهو بعد لم ينتصب، وليل بهيم أفلت أنجمه وقلب انكسر وهو بعد لم يفقه شيئا من الدنيا يحمل بين جنباته خيبات امم ومآسي أجيال ضاعت بضياع الأسر وتفككت بفعل الجبروت وقساوة بني البشر، يتساءل بصمت عن سبب ما هو فيه وكيف وصل إليه ويبحث بين عيون المارة عن عيون أحبها وأحضان طالما احتضنته بحرارة ونام في أكنافها هانئا سعيدا دافئا ولِمَ تخلت عنه وتركته يجوب الشوارع حافي القدمين لا يغطي جسمه غير أسمال ممزقة يشكو من جوع تعود عليه حتى أصبح ديدنه الذي لا يفارقه يردد عبارات لا يفقهها ويسأل الناس عن اشياء لا يعرف قيمتها ويعيش مع عجوز يجهلها قاسية النظرات متحجرة القلب والإحساس تدعي انها امه ولكنها تبتعد عن الامومة أميالا ومسافات تخرج به كل صباح تجوب الشوارع والطرقات ثم تتركه لينام على الرصيف لساعات وليس بيده شيء غير كأس من اللبن يسد به رمقه ويسكن آلام بطنه الفارغة ثم تعود وتحمله معها في المساء لتكرر ذلك كل يوم.
أثار فضولي وفطر قلبي وكنت اتساءل مع نفسي أي ام تلك؟ وأي قساوة هذه؟ أيعقل ان تكون امه؟ ولكنه لا يعرف احدا غيرها ولا يفقه من الدنيا إلا اياها، فرحت اتقرب اليه واشفق عليه فصار يتودد لي ويفرح لقدومي وكأنه لم يعرف الفرح يوما ولم يدر ما الحب وما الحنان فهذه اشياء غابت عنه فنسيها وهو بعد وردة في الأكمام. كنت أقرا في عينيه أسئلة كثيرة لا يعرف كيف يقولها ولا يدري ان كان لها جواب حتى وصلت الى ضالتي التي ابحث عنها حين قال لي يوما ان امه هذه قاسية وهي تضربه وتحرمه من الطعام على عكس امه الأخرى تلك التي لا يدري اين هي ولِمَ فارقته وتاه عنها، فهو يحبها ويتمنى ان يعود اليها. اما هذه العجوز الغريبة فلا ادري أهي من صنف البشر؟ وهل تحسب على بني الإنسان ام هي عجوز الشعوذة والسحر قد خرجت من كتب الخيال؟ وهل لها قلب يحس ويتألم؟ فهذا الطفل البائس يعمل من أجلها وتحرمه من لقمة يسد بها رمقه وثوب يقيه برودة الشتاء وزمهريره وحرارة الصيف وسمومه. فيا عجبي من نفوس لا تعرف الرحمة ووجوه حرباء متلونة وقلوب سوداء متحجرة اعمى بصيرتها الطمع وأنستها المادة طعم الحب فخلت إلا من الكره والحقد والأنانية وأصبحت لا تفكر إلا في ذاتها وكيف تسيدها وإن كان ذلك على حساب براءة طفل صغير