في بداية الأمر, ظهرت نظرية القلاع في مخيلتي, بعدما واجهتنا بعضُ التحديات والمعوقات في تكوين العلاقات والصداقات المناسبة لنا, فيما إذا كان الشخص الآخر يستحقها أم لا, و بالتالي يسبب لنا هذا الأمر الإرتياب في شؤون حياتنا اليومية بما يتعلق بأمور تكوين الصداقات, سواء في الجامعة أو في أي مكان أخر يجتمع فيه الأفراد.
وبما أن وسائل الإتصال في هذه الأيام أصبحت سهله وميسرة, ومن الممكن لنا أن نكون صداقات من أقصى بقاع العالم ونحن في أماكننا, تأتي هذه النظرية, لتفرض هذه الفكرة علينا. فلو أخذنا على سبيل المثال شخصٌ ما اسمه "محمد" والشخص الأخر الذي يريدُ تكوينَ الصداقة معه يدعى "علي", وقابل محمدٌ علياَ في إحدى الأماكن وليكن على سبيل المثال في جامعة ما.
تبدأت بينهما الكلمات المعتادة من السؤال عن الحال والأحوال وما هي إلا لحظات حتى يفترقا, ثم يتقابلان ثانيةً وثالثةً حتى يبلغ زمن معرفتهما ببعضهما البعض مدة الشهر, هنا !! يبدأ كل منهما بتكوين قلعة مقوماتها أفكار الأخر وما يحب ويكره, وشخصيته وطريقة تعاملاته مع الأفراد المحيطين, وأسلوبه في الحديث, وتبدأ هذه القلعة بالإزدهار شيئاً فشيئاَ وتزيد قوتها وصلابتها بقوة تلك العلاقة التي نشأت بينهما.
بعد أن يمر على هذه الصداقة ما يزيد عن سنة, تكون القلعتان قد شيدتا على أكمل وجه.
فإذا علمنا أنه قد نشب بينهما مشادة في الكلام, وطال الأمر حتى إختصما, هنا تبدأ الخطوة الثانية من النظرية, ففي الحقيقة على كلا منهما أن لا يجعل ذلك يؤثر على القلعة التي بناها للأخر بداخله, وأن تحدث هذه الأمور التي تخاصم فيها الإثنان خارج حدود القلعة, كما وأنها معركة, لا يؤثر ذلك على البناء وتكوينه, فإذا إنتهت العلاقة, تصبح القلعة عند الطرفين مهجورة, وتتأكل !! ولكن إذا ما رجع كل منهما للأخر, وفض كلاهما النزاع, تعود القلعتين إلا سابق عهدهما, ويسود الإستقرار بينهما, ولا يندم على أي منهما على أي ضرر كاد ليصيب القلاع.
دور هذه النظرية يأتي في توضيح القوة في العلاقات التي تمر علينا يومياً, وتوضح كيفية بناءنا لتلك القلاع, وإبعاد أطراف النزاع, والتفريق بين الأمور, ومعرفة حقيقة الصداقات الجوهرية التي ليس من السهل تكوينها.